تشكل الإعاقة لدى الفرد ما يشبه القيد النفسي و الذي يشعر من خلاله المعاق بأنه غير واثق من النجاح في الأمور التي سيقدم عليها , كما تولد لديه الإعاقة شعوراً بعدم الثقة في نوعية ما سينجز من أعمال , وكذلك هو غير واثق و غير متيقن بالنسبة لما سيقرر إجراؤه في موقف ما
, وشعور المعوق بهذا العجز سيجعله قلقاً متوتراً , الأمر الذي يعرضه للضغوط النفسية و العصبية و الشعور بعدم الثقة و الأمن , الأمر الذي يضعف إلى حد بعيد شعوره بالقدرة على انجاز ما يأمل أو يسعى إلى انجازه مستقبلاً, الأمر الذي يولد لديه قلقاً من المستقبل و ما يحمله معه من مفاجآت .
وستحاول هذه الدراسة المقارنة بين كل من ذوي الاحتياجات الخاصة و العاديين في مجال القلق المستقبلي لدى كل من هاتين الفئتين و ما يمكن أن يظهر من فروق بينهما في هذا المجال .
وهدف هذا البحث إلى :
1- التعرف على مدى الفروق في القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة والعاديين.
2- التعرف على الاختلافات في القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة والعاديين من حيث متغير الجنس .
3- التعرف على مدى الفروق في القلق المستقبلي في المجالات المختلفة التي يقيسها مقياس القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة و العاديين .
4- التعرف على الاختلافات في القلق المستقبلي من حيث المتغير الاقتصادي.
فرضيات البحث:
1- توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة و العاديين. و تتفرع هذه الفرضية إلى ما يلي:
أ. توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة بالنسبة لمتغير الجنس.
ب. توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين العاديين بالنسبة لمتغير الجنس.
ت. توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بالنسبة لمتغير الحالة الاقتصادية للأهل.
نتائج البحث:
1. الفرضية الرئيسية: توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة و العاديين.
تبين لنا من خلال نتائج البحث الميداني و التحليل الإحصائي لهذه النتائج عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الفئتين و بالتالي فقد تم رفض النظرية .
و يمكن عزو هذه النتيجة إلى الظروف الاجتماعية المتشابهة بين الطرفين و كذلك الظروف المكانية التي يعيش بها الطرفان , بالإضافة إلى ذلك الاهتمام المتزايد من قبل الدولة لصالح الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة و كذلك الدعم المقدم لهذه الفئة شعبياً و اقتصادياً و تحسن النظرة إلى هذه الفئة كل ذلك حسن من نظرة المعوّق إلى نفسه و بالتالي من حيث ثقته بإمكانياته و قدراته الكامنة , و هذا أدى إلى لتقارب نتائج الدراسة مع العاديين و عدم ظهور فروق ذات دلالة بين الطرفين .
و لكن مع ذلك عند تفحص المجالات التي يتضمنها المقياس نلحظ فروق بين الطرفين و هذه المجالات هي:
ـ المجال الاقتصادي: حيث نلحظ أن هناك فرقاً ذو دلالة باتجاه ذوي الاحتياجات الخاصة و يمكن تفسير ذلك بالأوضاع الاقتصادية التي ترافقت مع تطبيق المقياس من حيث غلاء أسعار المواد الغذائية و الخضروات , وخوف المعاقين من انقطاع الدعم المالي المقدم من قبل الجهات الخاصة التي تسهم بنصيب كبير في دعم هذه الفئة من خلال المراكز التي توزيع هذه المساعدات , و بالتالي التخوف من عدم القدرة على الوفاء بالمتطلبات الاقتصادية.
ـ مجال التعليم : وهنا تميل الفروق باتجاه العاديين و يمكن تفسير هذه النتيجة بأن نسبة غير قليلة من أفراد عينة العاديين كانوا من الطلاب الذين يتحضرون لامتحانات الشهادتين الأساسية و الثانوية, و بالتالي اثر ذلك على النتيجة العامة بالنسبة لمجال التعليم.
ـ مجال القلق من المجهول: تميل الفروق في هذه المجال لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة , ويمكن تفسير ذلك بتوجس المعاقين من أن الظروف التي يتمتعون بها حالياً و الدعم المقدم لهم قد لا يستمر مستقبلاً. و كذلك ما تتركه أثار الإعاقة النفسية التي تجعل المعوّق يضع طموحاته و تصوراته تحت قيد الإعاقة , الأمر الذي ينعكس سلباً في ثقته بالقدرة على مواجهة ما سيواجه من أزمات .
الفرضية الفرعية الأولى: توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين ذوي الاحتياجات الخاصة بالنسبة لمتغير الجنس.
من خلال النتائج التي تم التوصل إليها تبين لنا عدم وجود فروق بين الجنسين بالنسبة للقلق المستقبلي, وبالتالي يلعب التقدم الكبير في مجال المساواة بين الجنسين في الحقوق و الواجبات و الفرص دور في تقارب هاتين الفئتين في النتيجة , وبالتالي نرفض الفرضية , فلا توجد فروق بين الطرفين ذات دلالة إحصائية و يمكن أن نضيف إلى ما سبق الظروف المعيشية و الاجتماعية و المكانية المشتركة بين الطرفين , و التساوي في الدعم المقدم لكل فئة , بحيث لا يستثنى جنس أو يفضل جنس على جنس من حيث الاستفادة من الدعم المقدم. إلا أن هناك فرق يظهر في مجال واحد وهو مجال الموت الذي يلاحظ انه لصالح الذكور و يمكن تفسير ذلك بارتفاع نسبة الوفيات بين فئة الذكور.
الفرضية الفرعية الثانية: توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين العاديين بالنسبة لمتغير الجنس.
ويلاحظ من خلال النتائج عدم وجود فرق بين الطرفين في النتيجة العامة للمقياس ويمكن تفسير ذلك بنفس الأسباب التي فسرت النتيجة السابقة عليها, أمّا عند تفحص نتائج المجالات فنلاحظ ظهور فروق في مجال المرض بين الفئتين لصالح الإناث و يمكن رد ذلك إلى حساسية فئة الإناث في المجال الصحي فيما يتعلق بسلامتهن , وكذلك رغبة الطرف الأخر ( الذكور) بهن أو التقرب منهن , وخاصة أن اغلب الإناث في العينة يقعن في سن يغلب عليه تعرضهن للخطوبة أو الزواج فيه.
الفرضية الفرعية الثالثة: توجد فروق ذات دلالة إحصائية في القلق المستقبلي بين إفراد العينة بالنسبة لمتغير الحالة الاقتصادية للأهل.
من خلال نتائج الدراسة الميدانية يتبين عدم وجود فرق بين ذوي الدخل المرتفع و ذوي الدخل المنخفض من حيث الشعور بالقلق من المستقبل , وبالتالي نرفض الفرضية. و يمكن إرجاع ذلك إلى أن القلق من المستقبل يتعلق بالجوانب النفسية للفرد أكثر من تعلقه بالجوانب المادية.