مازالت الحكومة
الرفاعية العتيدة تفاجئنا بقراراتها المتنوعة بين الحين والآخر، وتسجل
حقيقة في سجلاتها الإنجاز تلو الآخر، اليوم كان آخر هذه القرارات بتخفيض
أسعار السولار والبنزين بنسبة 6%، ونتمنى أن لا يكون هذا الأمر مقدمة لرفع
سعرها 15% الشهر القادم!!
ولنتطرق اليوم إلى أمر يهمنا جميعا كأردنيين
نعيش تحت المظلة الهاشمية المتفرعة من نسل أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام،
فقد شهدنا في الفترة الأخيرة، وتحديداً في آخر عامين عنفاً غير مسبوق في
جميع نواحي الحياة في محافظات الأردن الإثنتي عشر، في الجامعة نجد التكسير
والتخريب ونزع مطفئة الحرائق من مكانها لإيذاء الآخرين بها، وفي المحافظة
الأكبر نجد الهجوم على الدوائر الرسمية والمحلات والبيوت والحرق والنهب
وأكثر من ذلك القتل !! وبين عمال وبالأسلحة الرشاشة !!
وفي غير ذلك من
المحافظات نسمع عن المواجهات بين المواطنين وقوات الدرك، وفي الملاعب
أيضاً، هذا ناهيك عن الجرائم التي نسمع بها وبكافة أنواعها بين الفينة
والأخرى ..
السؤال هنا ترى أين وصلت الحكومة الأردنية في دراستها لأسباب
العنف في مجتمعنا؟ ونحن لا نقول بأن العنف لم يكن موجوداً لدينا يوماً،
لأن مجتمعنا الأردني مشهور "بدمه الحامي"، ولا يحتمل الإساءة من أحد، ولكن
العنف تزايد بنسب مرعبة في السنتين الأخيرة ..
أصبح من الواضح أن
الحكومة الرفاعية جائت لسبب محدد، وهو التخفيف من ديون المملكة وتحسين
ميزانيتها بكل الوسائل المتاحة من رفع للأسعار وفرض للضرائب و و و و من
السيناريوهات التي أصبح يحفظها المواطن.
الأمر هذا أصبح واضحا وكلنا
نلاحظه، ولكن السؤال هنا هل وصل الأمر بالحكومة إلى التفكير بتخفيض
التكاليف ورواتب العاملين بان تصدر قراراً يتحدى كل قيم ومبادئ المجتمع
الأردني؟
هل وصل الأمر إلى التفكير بالسماح للأردنيات بالعمل بالملاهي
الليلية من أجل تخفيض الرواتب والمصاريف في هذه الملاهي بعدم إستقدام
العاملات الغير أردنيات !!!
ثم السؤال لمعالي وزير العمل السيد سمير
مراد الذي أخبرنا بأن هذا القرار صادر منذ سنوات عديدة، ولا داعي لكل هذه
الضجة بسببه، نتسائل هنا يا معالي الوزير، إذا كان هذا القرار صادر منذ
سنوات كما تفضلت بإخبارنا معاليك، فلماذا إذن كل هذا الترحيب من أصحاب
الملاهي الليلية اليوم!!! أم أن القرار صادر منذ سنوات عدة ولكنه لم يبلغ
إلى أصحاب هذه الأماكن إلا مع بداية هذا العام، سؤال ننتظر إجابته من معالي
وزير العمل !!!
يا دولة أبو زيد، ألم يخطر ببال الحكومة ماذا يمكن أن
تكون تبعات مثل هذا القرار "الغير إقتصادية"، فالتبعات الإقتصادية ستكون
تخفيف العبء عن ميزانية الدولة تجاه هذه الملاهي ولكن ماذا عن التبعات
الإجتماعية هنا؟
وهنا أعود لسؤالي عن العنف، وأين وصلت الحكومة في دراستها لأسباب العنف في مجتمعنا وسبل التخفيف منه؟
قرار
كهذا يا دولة الرئيس ألا تعتقد بأنه سيؤدي إلى زيادة جرائم الدفاع عن
الشرف في الأردن زيادة مهولة، بل وسيزيد المشاكل الإجتماعية بين العشائر
والقبائل، هذا بالإضافة إلى إنتشار الإنحلال الإجتماعي الذي سيزيد معه
بالتأكيد جرائم الإغتصاب والإعتداءات الجنسية، وربما سنصبح نعاني من زيادة
نسبة التحرش في الشوارع العامة كبعض الدول المجاورة، ومنذ متى كان هناك
أردني لا يغار على عرضه بأن يقبل أن تذهب أخته أو أمه أو إبنته إلى نادي
ليلي لتعمل به "بارت تايم" أو "فل تايم" !!!!
أم أن كل هذا لن يأخذ من
ميزانية الدولة مصروفات لحل كل هذه المشاكل يا دولة الرئيس؟ من عطوات
وجاهات وإجتماعات ولجان تحقيق وقوات درك وغاز مسيل للدموع !!
بهذا الشكل أعتقد بأن الحسبة الإقتصادية ستكون مختلفة تماما،ً بل وربما ستجدها مقلوبة تماماً؟
شاب
في أواخر العشرينات يحمل شهادة جامعية لم يجد إلا بسطة يضع عليها بعض
الخضار والفواكه ليبيع منها ما يكفيه قوت يومه، وعندما إستكثر عليه
المسؤولين في بلده ذلك وصادروا حتى هذا المصدر الذي يقتات منه أشعل نفسه
أمام الناس، وذهب ضحية التعالي، وعدم إكتراث المسؤولين بهموم شعبهم، فأشعل
بلده بأكملها، وراح وراءه الآلاف يطالبون بحقوقهم، وإشتعلت جارتها معها
لهيباً لنفس السبب.
وإن كنا نسمع بيننا نحن الشباب من يتداول أحياناً
جملة "بدي أحرق حالي وأخلص من هالشغلة يا زلمة" كجملة على سبيل الدعابة،
تعبر عن عدم الرضا، فنتمنى أن تبقى هكذا جمل على سبيل الدعابة فقط، وأن لا
يصل الحال بشبابنا إلى هذا المستوى أبداً يا دولة الرئيس، ولكن من أجل
تفادي ذلك على الحكومة أن تتخذ القرارات التي تصب في صالح مجتمعنا العشائري
القبلي صاحب "الدم الحامي"، والذي يعيش في مملكة تحمل راية آل هاشم الذي
خرج منهم خير الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام ...
أسعار المحروقات في
إزدياد شبه شهري يحرق قلب المواطن ويعطي الحجة لكل بائع بزيادة أسعاره،
الخضار والفواكه كل يوم بسعر مختلف وبحاجة لمن يراقبها بكل حزم وجزم، وزارة
التموين في خبر كان ...
لم يتبقى للمواطن إلا أن يتكلم ويرفع صوته لتصل
إليكم شكواه، وتسمعون همومه، ووالله يادولة الرئيس لو أزلتم كل الحواجر
بينكم وبين جميع المواطنين منذ أول يوم لما إحتاج المواطنين للإعتصامات
الحاشدة اليوم ليسمعونكم أصواتهم المبحوحة التي تهالكت مع تهالك الأسعار.
لذا نرجوكم اليوم أن تتركوا المجال للمواطن الأردني بالتحدث إليكم مباشرة، بدل أن نتوقع أن المواطن يمكن أن يقف متفرجاً ويصمت !!!