أجل! لقد ضاعت فِلَسطينُ بينَ عُبّادِ فلْسٍ ودرهمٍ ودولار، وعاشقي وَسَخٍ وطينٍ وكرسيٍ واستبداد..
ألا تعِسَ عبدُ الدولارِ
والجاهِ والسُّلطةِ والرئاسَة إذا لم يُقدِّم جقَّ اللهِ ولا حقَّ الأمةِ
على حقِّ شهوتهِ ورغبَتهِ .. تعِسَ وانتكسَ وارتكَس .
لقد بيعت فِلَسطينُ بثمنٍ
بخس، في سوقِ اِنعدامِ المروءةِ ونخوَةِ الرِّجال، فضلاً عن اِنعدامِ
الإيمانِ والقِيَمِ ومبادئِ الأخلاق وشهامةِ الأحرار ..
أقولُ
هذا قبلَ أن أبُثَّ همِّي وحُزني إلى الله من واقع المسجدِ الأقصى الذي
بُورِكَ حولُه .. فقد كانَ الحديثُ عنهُ بالأمسِ كثيراً مُلِحَّاً، وأصبحَ
اليومَ نسياً منسيَّاً، أو كاد!
فمن يُرسِلُها معي كما أرسلها الطنطاويُّ وغيرُهُ إلى المسلمينَ صورةً وحقيقةً ومعنىً ليسَ إلا؟!
( يا أيُّها العربُ في
كلِّ أرض، يا أيُّها المُسلمونَ تحتَ كلِّ نجم، يا أيُّها الرجالُ، يا
أيتُها النساءُ، لقد أزِفت ساعةُ المعركةِ الفاصلة، فلْيحمل كلُّ رجلٍ منكم
وكلُّ امرأةٍ فيكم نصيبهُ منها، واعلموا أن الظفرَ لكم ) .. (
نحنُ لا نبغي عدواناً، ولا نطلبُ باطلاً، إننا نطلبُ الحق، وسنحاربُ إن لم
نُعطَ الحق. نحنُ نحاربُ لا بغياً ولا ظلماً فلا ينصرُ الله ظالماً، ولكن
دفاعاً عن أنفسنا وعن الحق، نحنُ نحاربُ دفاعاً عن كرامة الإنسان ) . " هتاف المجد 24-28 "
يتفطُّرُ القلبُ كمداً
وألَماً على تجاوُزِ يهودٍ وممارساتِهم تجاهَ مقدّساتِ المسلمينَ ومشاعرهم،
دونَ يقظةٍ وانتباهٍ من بني الإسلام، اللهُمّ سوى نداءاتٍ خجولةٍ من هُنا
وهناك لا تُسمِنُ ولا تُغني من واجب ..
فيا لِئامَ يهود :
طَفَحَ الليلُ ..
وماذا غيرُ نور الفجرِ بعد الظُلُمات؟
حينَ يأتي فجرُنا عمَّا قريبٍ
يا طُغاة ..
يتمنى منكم خيرُكم ..
لو أنهُ كان حَصاة ..
أو غُباراً في الفلاة ..
أو بقايا بعـرةٍ في أست شاة ..
هيِّئوا كشف أمانيكم من الآن ..
فإن الفجر آتٍ ..
أظننتم، ساعة السطو على الميراث،
أن الحقَّ مات؟!
لم يمُت بل هو آت!
إنّ على وُلاةِ أمورِ
المسلمينَ أن يتعاملوا مع مُحتلِّي فلَسطينَ والأقصى على ضوءِ قولِ الله : {
ولن ترضى عنكَ اليهودُ ولا النّصارى حتَّى تتَّبِعَ مِلّتهم } ، وقولِ
الله : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ
رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ }
[الأنفال : 60] ، كما أنّ على الوُلاةِ والحكّام أن يتلمّسوا مواطنَ
الضعفِ في الأمة، فيُتمِّموها، وأماكنَ الخللِ والنقصِ فيقوِّمونَ
ويُسدِّدون، وأن يحذروا غضبَ اللهِ، ولَعنةِ الأجيالِ القادمة، فإن قلمَ
التاريخِ لا يرحمُ أحداً .
وإنّ على عُلماءِ
المسلمينَ ودعاتهمُ الاِنشغالُ بتحقيقِ مُرادِ قولِ الله : { إن تنصُروا
اللهَ ينصُركم } ، وقولِ الله : { إن ينصُركمُ اللهُ فلا غالِبَ لكم وإن
يخذُلكم فمن ذا الذي ينصًرًكم من بعدِه } .. وقولِ الله : { إنّا لَننصُرُ
رُسُلَنا والذينَ آمنوا في الحياةِ الدنيا } ، والعملُ
على إبقاءِ قضية الأقصى حيةً في قلوبِ أهلِ الإسلام، كما عليهم أن
يتلمّسوا أسبابَ النصرِ الحسِّيةِ والمعنويةَ مُذكِّرينَ بها من وراءهم من
أتباعِ الإسلام، وإنّ من واجِبهم تذكيرُ الوُلاةِ والأخذِ بأيديهم إلى
خطواتِ النصرِ الحسِّية والماديّة وسُلوكِ مظانِّها، ولا يكونُ ذلك إلا بكثرةِ الطرقِ على وجوبِ تحكيمِ الشريعةِ الإسلاميةِ في كافةِ مجالاتِ الحياة .
وإنّ على عامةِ أهلِ
الإسلام أن يُساهموا بنصرِ القضيةِ الفلسطينية بالاِنتصارِ الأوّليِّ على
أنفُسِهم ومطالبِها الداعية إلى التخاذُلِ وحبِّ الدنيا والركونِ إليها .. ثمّ
بالاِلتفافِ حولَ علمائهم .. علماءُ الصدقِ والخيرِ والصلاح .. وأن
يبتعدوا عنِ الاِجتهادات الفرديةِ اللامسئولة .. التي تضُرُّ ولا تَسُرّ،
فإنّ يدَ الله معَ الجماعة، ومن شذَّ شذَ في النارِ عياذاً بالله .
أيُّها الأهلُ والأحبابُ في فلسطينَ الإباء :
حُييتُم، وسُدِّدتم،
وَوُفِّقتُم، وثُبِّتُّم .. فلقد بذلتُم وبذلتُم وبذلتُم .. للهِ أنتم
تسحقونَ الطاغيةَ المتمرِّد، وتُرغمونَ أنفَ المُحتلَّ المُتهوِّد ..
أعلَمُ أنَّكم ملَلتم
كلامنا، وسئِمتم حديثنا، لكن .. والله الذي لا إلهَ غيرهُ لا حيلةَ لنا
إلاّ ما ترون .. ورُبّ حاملِ خيرٍ إلى من هوَ خيرٌ منهُ وأصدقُّ وأبرّ .. {
فلا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتمُ الأعلونَ إن كنتم مؤمنين } .. { فسَيكفيكهمُ
اللهُ وهوَ السميعُ العليم } .. { إن ينصُركمُ اللهُ فلا غالِبَ لكم وإن
يخذُلكم فمن ذا الذي ينصًرًكم من بعدِه } ..
(
لا تيأسوا، إنَّ المستقبلَ لنا، وسنستردُّ فلسطين، سنستردُّها، والله الذي
لا إله إلا هو، كما استرددناها من قبلُ، ممن كانوا أقوى وكانوا أغنى،
وكانوا أكثرَ من الصليبيين، استرددنا القدس بعدما بقيت في أيديهم نحواً من
مائة سنة ) .. ( في كلِّ شبرٍ من فلسطينَ بقعةٌ حمراءَ من أثر الدم
الذكيّ، دمُ الشهداءِ الذين سقطوا صرعى دفاعاً عن بيوتهم وقريتهم، وعن
شرفهم ودينهم، ودم النساء والأطفال الذين ذبحهم اليهود ) .. " الطنطاوي -
هتاف المجد"
ستبقينَ يا قبلة الأولينَ ..
منارةً لأمتنا الظافرة ..
فلسطينُ .. هذا الظلامُ الفجورُ ..
سيرحلُ ، والطُّغمةُ الفاجرة
ويُسفرُ صبحٌ بديعُ المحيَّا ..
يذكِّرُ بالصحبة الغابرة ..
فلولا الجهادُ لصِرنا عبيداً ..
نلوذُ بأحذية السامرة
فلسطينُ يا روضة الطيبين ..
لنا في رُباكِ المُنى الطاهرة ..
اللهُمَّ فمن شنَّ على
فلسطينَ والمُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه .. ونكِّس رأسَه ..
واجعل الذُلَّ لِبَاسَه .. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه .. اللهُمَّ ممَن كانَ
عليهم عيناً فافقأ عينيه .. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه .. ومن
كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه .. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه
.. ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين ..
اللهمَّ وانصُر المُجاهدينَ في سبيلِكَ في كُلِّ مكان .. اللهمَّ اشفِ بنا
وبِهِم صدورَ قومٍ مؤمنين .. عاجلاً غيرَ آجلٍ يا ربَّ العالمين .. اللهمَّ
ورُدَّ عنهم كيدَ الأشرار .. وشرَّ الفُجَّار .. وشرَّ طوارِقِ اللَّيلِ
والنَّهار .. واحفظهُم من كُلِّ سوءٍ يا ربَّ العالمين .. واجعل أعمالنا
وأعمالهم خالصةً لِوجهك .. واختِم لنا ولَهُم بشهادةٍ في سبِيلك .. خالصةٍ
لِوجهِك .. بعدَ نِكايةٍ ونصرٍ على عدوِّك .. شهادةً كَمَسِّ القرصةِ ثُمَّ
الجنة ..
سُبحانَ ربِّكَ ربِّ العِّزة عمَّا يصِفون .. وسلامٌ على المُرسلين .. والحمدُ لله ربِّ العالمين ..