دموع من ربيع عمرى
البعض يعتاد الحزن حتى
يصبح سمةً مألوفة لديه
يحرسه ليل نهار !
لا يفارقه حتى في ساعات فرحه ,
فهو كالهواء يتنفسه ,
لا حياة تدوم بدونه
لكن ماذا لو كان الحزن حزنين ,
بل أحزان , وماذا لو تراكم دمعٌ على دمع ؟!
أنا لا أرثي نفسي ,
فمازال بين جنباتي قلبٌ ينبض
لكنه نبضٌ قد وهن ,
ذبلت زهوره قبل أن يزورها موسم الربيع ...
قديماً كنت أصف حزني بالشتاء القاسي
اما الآن أظنه ربيعُ حزن دائم ؟!
فهو مزهر بالألم دوماً ,
يتجدد في كل حين , وله ألوانٌ شتى !!
أما روحي فهي لوحةٌ باهة
لا يزينها سوى ذاك الربيع الشجي !
اشتقت لتلك المساءات التي كانت
تحرس سمائي بها نجومُ
دعوات والدي وولدتى المتتابعة
تلك المساءات رغم ما كان بها
من معاناة إلا انها أفضل حالاً من أيامي هذه
اشتقت لإحساسي بطفولته رغم
المشيب الذي أثقل كاهل ظهره
اشتقت لبعض سنوات من
عمري قضيتها بين قدميه
وليتني قضيت بينها ما
تبقى من عمري كذلك
كم هو مثير للسخرية أن
نصطنع اشتياقاً للفرح ,
بينما تجر أقدامَنا الذكرى
حيث أرض كستها أشواك الرحيل !!
كم هو مثير للشفقة حال قلب
تتناقض فيه معاني الفرح والحزن
من يروه يصفوه بالكلمتين في آنٍ واحد ؟
ولا يعلمون أنه موطن أحزانٍ ,
على ضفافه يبدو الألم فاتناً ,
وفي سمائه يبدو الجرح
_ بنزفه _ أكثر روعةً من شفق
الشمس في لحظات الغروب
هكذا نحن نرى أنفسنا , حينما
يتملكنا العجب بما نملك ؟!
وهذا حالي , بت أُعجب بحزني ,
فقد ألفته وألفني
باتت كلماتي تصافح يداه كل
مساءٍ بحرارة تذيب الجليد
وبتُ أتغنى بمعزوف أوجاعي ,
علّها ترسم على ملامحي ابتسامةً
اشتقت لها ( صادقة) منذ سنين
دموع من ربيع عمرى
كيف أصبحتي يا دمعاتي اليوم ؟
ما لي أجدكِ حارقة كلهيب
إنتظار أو أشد , ما لي أجدكِ
تنسابين اليوم على
خدي بقوة واشتياق للمقل ؟
واعجبي , ألحق الإشتياق
يأخذ بقلبكِ يا دمعاتي
فقد كنت ساكنة بين يديها
ليلة الأمس ككل أمس ,
حتى في ساعات الصباح لا تفارقيني ؟!
اليوم استيقظ القلب على
حنين قاتل للذكريات ...
أحب ساعات الصباح الجميلة ,
حيث قرص الشمس المذهب
, وزقزقة العصافير
أما هذا الصباح فقد أنستني دمعاتي
روعة هذه اللحظات..
حينما تجد أن روحك تتعذب حنيناً ,
لا تجد سبيلاً سوى الدموع ...
وتبدأ سهام التساؤلات تأخذ بك هنا وهناك
ماذا لو لم تعاند الأقدار ما تحلم به القلوب؟ ,
ماذا لو أغمضنا العين فلم نرى
سوى قدومهم من بعد ارتحال ...؟
أعلم يا قلب أني أعذبك ,
ولا فائدة من عتابي ,
لكن إن لم أخرج كلماتي هذه
سيقتلني الألم صمتاً ...
ها قد بقيت يا قلبي وحيداً كسيراً ,
لا تؤانسك سوى الدموع...
أعلم أن زمن الرحيل قد مضى ,
ولن تعيد الدموع
زمناً كُتب له الرحيل...