أيهما أخطر .. قرصان البر أم قرصان البحر ..؟؟؟؟

قرصان أرحم من قرصان



(بارباروسّا) اسم كان يسبب الرعب لكل السفن الشراعية المبحرة في البحر المتوسط قبل قرون. كانت لحيته الحمراء مصدر فزع لكل الملاحين. وعروج كان لا يقل رعباً عن أخيه. كانت مشيته تنزع القلوب. وقابلهم قراصنة أوربيون ينطلقون من كهوف سواحل مالطا وباليرمو وصقليه.

ثم اختفت سفن القراصنة من موانئ المتوسط لتحل محلها الأساطيل الاستعمارية لتقوم بقرصنة أكبر, قرصنة للاستيلاء على دول بدل من الاستيلاء على سفن.

أما القرن العشرين فخلا من القرصنة إلا في مضايق اندونيسيا وبحر الصين الجنوبي, وأخيراً في الأشهر الأخيرة ظهرت القرصنة البشعة مره أخرى بفعل القراصنة الصوماليين. وهنا لي وقفات:-

الأولى: أن القرصنة الصومالية هي نتاج للديكتاتورية, نعم ديكتاتورية سياد بري. فكما نعلم فأن الأنظمة الدكتاتورية يهمها ألا تترك معها وبالتالي خلفها أي قيادات سياسية ولا مؤسسات مجتمع مدني وذلك خوفاً من المنافسة السياسية لها. نتيجة لهذا فإنه عندما يختفي الديكتاتور يظهر الفراغ. وسياد بري لعب كالبهلوان بين المعسكرين الشرقي والغربي, وقام الأتباع المحليون لكلا المعسكرين بمحاولة استرضاءه وشراءه. إلا أنه عندما اختفى من المسرح السياسي دخلت الصومال في حلقة لا تنتهي من المشاكل. وقد أنهار العراق كله بهزيمة فرد واحد. لذا فإن الدول الكبرى يجب عليها أن تمنع كل الأنظمة الديكتاتورية إن أرادت شراء المستقبل للعالم. فالبطل الفرد والزعيم الملهم والقائد المستنير كلها ألفاظ يجب أن تزال من قاموس العالم لتقوم الدول على مؤسسات سياسية سليمة تضمن بقاء الدول بعد ذهاب زعيمها.

الثانية: لا أدري لماذا قراصنة البحر يثيرون الرعب أكثر من قراصنة البر رغم أن قرصنة البر أوضح وأكثر تكراراً في بعض مناطق العالم وأكثر إيلاماً لبعض الشعوب.

الثالثة وهي الأهم: يجب معالجة هذه القرصنة الحالية في القرن الأفريقي بلا رحمة ولا هوادة وبكل عنف وقوة ومنع أي سفينة أن تخرج من الصومال للمياه الدولية. فالصيد يكفيه عمق المياه الإقليمية. وفي نفس الوقت يجب أن يتدخل العالم بشكل عادل لحماية أبرياء الصومال من الوضع اللا إنساني الذي رماهم قدرهم بين أنيابه.

الرابعة: يجب على دول البحر الأحمر أن تدعوا لقرار من مجلس الأمن لقيام قوات دولية تحت العلم الأزرق لحماية هذه الممرات الهامة أمام القرن الأفريقي. قوات حماية من الأمم المتحدة (وتمول) من الأمم المتحدة وبالتالي العالم كله يجب أن يتحمل تكاليفها وليس نحن فقط. فالتجارة البحرية المعرضة للخطر هي تجارة دولية وليست محلية. كون القوات تابعه للأمم المتحدة أفضل من أن تتولى الدول الكبرى أو أحدها فرض الحماية منفردة, وذلك خوفاً من أن تقدم لنا الدولة العظمى بعد انتهاء العملية فاتورة تجعلنا حين نقرأها نكتشف أن القرصان الصومالي كان أرحم.




قد يكون القرصان أرحم من البلطجي.


بقلم الشيخ جميل محمد علي فارسي
شيخ الجوهرجيه بجده
نشر بجريدة المدينه المنوره السعوديه بتاريخ 24.11.2008