إن الجالس على الأرض لا يسقط، و الناس لا يرفسون كلبا ميتا، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا، أو علما"، أو أدبا"، أو مالا"، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك و نعم الله عليك، و تنخلع من كل صفات الحمد، و تنسلخ من كل معاني النبل، و تبقى بليدا" غبيا"، صفرا" محطما"، مكدودا"، هذا ما يريدونه بالضبط.
أذا" فاصمد لكلام هؤلاء و نقدهم و تشويههم و تحقيرهم و كن كالصخرة الصامتة المهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها و قدرتها على البقاء.
انك ان اصغيت لكلام هؤلاء و تفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية بتعكير حياتك و تكدير عمرك، الا فاصفح الصفح الجميل، الا فأعرض عنهم و لا تك في ضيق مما يمكرون. ان نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك، و بقدر وزنك يكون النقد الآثم المفتعل.
انك لن تستطيع ان تغلق أفواه هؤلاء، و لن تستطيع أن تعتقل ألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم و تجنيهم بتجافيك لهم، و اهمالك لشأنهم، و اطراحك لأقوالهم. بل تستطيع ان تصب في أفواههم الخردل بزيادة فضائلك، و تربية محاسنك، و تقويم اعوجاجك. ان كنت تريد أن تكون مقبولا" عند الجميع، محبوبا" لدى الكل، سليما" من العيوب عند العالم، فقد طلبت مستحيلا" و املت املا" بعيدا".