صدمة .. أن تسمع بأن جهة ما تمنع فيروز.. فيروز أيها الناس عن الغناء. لتكن تلك الجهة من تكون أو ما تكون.. سواء كانت ورثة المرحوم منصور الرحباني، أو القضاء اللبناني أو الحكومة أو أي طرف آخر.. بأي حق يمنعون فيروز من الغناء؟ ان الاعتداء في هذه الحالة لم يعد على حق فيروز بالغناء، بل على حق الملايين من الاستماع الى فيروز، أفلا يستدعي هذا الاعتداء الفظ الى ملاحقة الملايين لمن قام بالاعتداء على حقهم؟ أي كائن ذاك العابث.. اللاعاقل الذي يمنع السيدة فيروز.. الملاك فيروز من الشدو والغناء؟ أي جاهل .. مغرور.. مختل.. يقدم على خطوة عبثية خبيثة كهذه. كنا نظن أن مصيبة الغناء الجديد في البدع الدخيلة عليه.. لكن لم ننتظر ولم نفكر ببدعة جنونية تهدف الى هدم آخر صرح غنائي جميل والمساهمة بتشويه الفن العربي!
|
عصفورة الشمس.. زهرة الحريّة |
ماذا يعنينا الخلاف على ورثة منصور.. وهل ميراث منصور الفني من حق أولاده البيولوجيين؟ ماذا عن رفيق دربه الطويل وشريكه الفني عاصي، ماذا عن فيروز، الصوت الذي لولاه لما وصلت أشعار وكلمات منصور الى الملايين، بل ماذا مع عشاق فن الرحابنة الورثة الشرعيين لهذا الفن الجميل، الأوفياء له على مدى السنوات والأزمان، أولئك الذين دفعوا من أموالهم وأوقاتهم وجهدهم لينجح هذا الفن وينطلق ويسمو، أليسوا هم شركاء في ذلك الارث؟ أولئك الأبناء الفنيين والانسانيين لمنصور وعاصي وفيروز أكثر بكثير من أبناء منصور البيولوجيين.. لهؤلاء أن يرثوا عقارا أو مالا من منصور لكن ليس من حقهم أن يرثوا فنه، الذي لم يعد من أملاكهم الخاصة، انما تحول الى ملك الجماهير، فأي اعتداء فظ ودنيء ومقيت يرتكبه أبناء منصور بحق الملايين، وليس حق فيروز فحسب؟
وأي قضاء أبله هذا الذي تجاوب مع مطلب سفيه كهذا؟ نعم أجرؤ على القول أن فيروز فوق القضاء الأرضي، هكذا يجب أن تكون.. طالما اتفقنا على أنها "سفيرتنا الى النجوم" فهي أسمى من الأرض وتفاهات الأرض وشرور الأرض، انها تحلق في السماء ومعها ومع صوتها نطير نحو السماء، ونسمو بنفوسنا، بأفكارنا بأخلاقنا، وثم نعود إلى أرض الفساد بينما هي تبقى فوق، متسامية مرتفعة لا تدنس روحها بأخلاق أهل الأرض المتشربين بالحقد والبغض والطمع، وصدق قول جبران فيهم وكأنه يقف اليوم ليقول بلسان فيروز " لا يحسدني ولا يبغضني إلا الذين دوني".
نحن معك يا فيروز أمس واليوم وغدا.. نحن معك لأننا مع أنفسنا، ومن حقك علينا هذا فأنت لم تتركينا يوما .. مع أنك هتفت "أنا صار لازم ودعكن" وكنا نرفض الوداع وكنا نعيدك الى المسرح ثانية وثالثة الى أن نتعب ونتهالك. ونحن نرفض اليوم أن نودعك، فاذا رفضنا الوداع حين كان بقرار منك، فكيف نرضى به اليوم وهو ليس قرارك بل قرار السفهاء والجبناء والطامعين الذين "يقترفون الاثم ضد غيرهم وضد أنفسهم" على حد تعبير فيلسوفنا جبران، علهم يعون ويرعون.