حقيقة إبليس
حقيقة إبليس أهو من الملائكة أم من الجن ؟!
إختلف العلماء في كون إبليـس من الملائكة أم من الجن فذهب فريق منهم إبن عباس إلى أن إبليس من الملائكة واستدلوا بقوله تعالى : ((( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليـس ))) فالإستثناء لا يكون من غير الجنس وهذا هو المشهور في لغة العرب بدليل أنه لا يكون من المستحسن أن نقول : فتـح الخبازون إلا فلانا ونريد فلانا الحداد , ولا يليق أن نقول : رأيت الناس إلا حمارا ,, فإن قيل أنّ الله خصّ إبليس بإســمه فقال ((( إلا إبليس كان من الجن ))) فالجواب : أن الجن نوع من الملائكة كما يقال : الخزنة والزبانية وهم كلهم جنس واحد يشتمل على أنواع , كما أن الآدميين يصنفون إلى زنج وعرب وعجم ولأن إبليـس أمر بالسجود لآدم لأنه من الملائكة وإلا لما كان مأمورا ويقصدون بالجن أيضا أنهم خزنة الجنـة ويرى إبن عباس : أن إبليـس كان من حي من أحياء الملائكة يقال لهم " الجن " خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وكان إسمه الحارث , وكان خازنا من خزان الجنـة , وخلقت الملائكة من نــور غيــر هذا الحي وذهب فريق آخر منهم الحسن البصري إلى أن إبليس كان من الجن واستدلوا بقوله تعالى في سورة الكهف ((( إلا إبليس كان من الجن ))) فالله سبحانه قد أخبر أنه من الجن فغير جائز أن ينسب إلى غير ما نسبه الله إليه كما استدلوا بقوله تعالى ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجــن ) وهذه الآية صريحة في الفرق بين الجن والملك , كما أن إبليس له ذرية لقوله تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) والملائكة لا ذرية لهم كما أن الملائكة معصومون وإبليس لم يكن كذلك فوجبأن لا يكون منهم كما أن الجن خلقوا من نار والملائكة خلقوا من نور وأيضا لأن الملائكة رسل لقوله تعالى ( جاعلالملائكة رسلا ) ورسل الله معصومون ويؤكد الإمام الحسن البصري هذا الرأي حيث يقول : ما كان إبليس منالملائكة طرفة عين قط وأنه لأصل الجن كما أن آدم أصـل الإنس وكان رضي الله عنه يقول : قاتل الله أقواما يزعمـون أنإبليس كان من ملائكة الله والله تعالى يقول : كان من الجن والله تعالى أعلم بالصواب
قيل : إن إبليس كان من الجن الذين نفوا من الأرض كان صغيرا فتشبه بالملائكة فكان معها فلما أمروا أن يسجدوا لآدم سجدوا إلا إبليس فعلى الرواية الأولى يكون إبليس من الجن الذين هم الملائكة وعلى هذه الرواية الثانية يكون من الجن الذين نفوا من الأرض فكونه من الملائكة على هذه الرواية الأولى واضح وأما على الرواية الثانية فعلى التجوز لأنه كان مع الملائكة يتعبد عبادتهم أما دخول إبليس في جملة الملائكة المأمورين بالسجود فقيل : إنه كان من الجن الذين مسكنهم الأرض لكن كان قد أذن في مساكنة الملائكة لحسن عبادته وشــدة إجتهاده فلما طال إختلاطه بالملائكة وصار كواحدا منهم فلذلك تناوله الأمر
وقوله تعالى (( كان من الجن )) ظاهر في ذلك وحينئذ لا تنافي بين قوله تعالى (( إلا إبليس كان من الجن )) وبين قوله تعالى (( وإذ قلنا للملائكة اســجدوا لآدم فســجدوا الا إبليس )) الدال على أنه منهم وأيضا لو لم يكن منهم وعلم إنصراف الأمر إلى قوله (( أنا خير منه )) وإلا لقال أنا لسـت من الملائكة فلم يتوجه عليه اللوم وفي حياة الحيوان : الصحيح أنه من الملائكة وعن إبن عباس كان إسم " إبليس " حين كان مع الملائكة " عزازيل " وكان من ذوي الأجنحة الأربعة فلما لعن سمي " إبليس " لأنه أبلس أي : أبعد من رحمة الله وقيل : كان إسمه قبل ذلك " الحارث " وقيل " يافل " وكنيته " أبومر "
من قصص تزاوج الجن والانس
قال إبن الدنيا في الهواتف : حدّثنا بشر بن يسار بن عبد الله , حدّثنا أبو الجنيد العزيز , حدّثنا عقبة بن عبد الله : أنّ رجلا أتى الحسن إبن أبي الحسن , فقال : يا أبا سعيد إن رجلا من الجن يخطب فتاتنا ؟ فقال الحسن : لا تزوجوه ولا تكرموه , فأتى قتادة فقال : يا أبا الخطاب , إنّ رجلا من الجن يخطب فتاتنا ؟ فقال : لا تزوجوه ولكن إذا جاءكم فقولوا : إنا نخرج عليك إن كنت مسلما لما انصرفت عنّا ولم تؤذنا , فلما كانوا من الليل جاء الجن حتى قام على الباب فقال : أتيتم الحسن فسألتموه ! فقال لكم : لا تزوجوه ولا تكرموه , ثم أتيتم قتادة فسألتموه ! فقال : لا تزوجوه ولكن قولوا له : إنا نخرج عليك إن كنت رجلا مسلما لما انصرفت عنّا ولم تؤذنا .. فقالوا له ذلك , فانصرف عنهم ولم يؤذهم ..
وقال حرب : حدّثنا إسحاق , قال : أخبرني محيدق وهو شيخ من أهل مرو , قال : سمعت زيد العمى يقول : اللهم إرزقني جنّية أتزوجها . قيل له : يا أبا الحوارى وما تصنع بها , قال : تصحبني في أسفارها حيثما كنت كانت معي ..
وقال أبو عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب : " إتبّاع السنن والآثار " : حدّثنا محمد بن حميد الرازي , حدّثنا أبو الأزهر حدّثنا الأعمش حدّثني شيخ من بجيلة , قال : علّق رجل من الجن جارية لنا , ثم خطبها إلينا , وقال : إني أكره أن أنال منها محرما . فزوجناها منه . قال : فظهر معنا يحدّثنا , فقلنا : ما أنتم ؟ قال : أمم أمثالكم وفينا قبائل كقبائلكم . فقلنا : هل فيكم هذه الأهواء ؟! قال : نعم فينا من كل الأهواء : القدرية والشيعة والمرجئة . قلنا : ممن أنت ؟
قال : من المرجئة ..
وقال أحمد بن سليمان النجار في أماليه : أخبرنا أسلم بن سهل , حدّثنا علي بن الحسين بن سليمان أبو الشعثاء الحضرمي " أحد شيوخ مسلم " حدّثنا أبو معاوية : سمعت الأعمش يقول : تزوج إلينا جنيّ , فقلت له : ما أحبّ الطعام إليكم ؟ قال : الأرز . قال : فأتيناهم به فجعلت أرى اللقم تُرفع ولا أرى أحدا , فقلت : فيكم من هذه الأهواء التي فينا ؟ قال : نعم , فقلت : فما الرافضة فيكم ؟ قال : شرنا .. قال الحافظ أبو الحجاج المزني : هذا إسناد صحيح ..
وقال أبو بكر الخرائطي : حدّثنا أحمد بن منصور الرمادى , قال : شهدت نكاحا للجن وتزوج رجل منهم إلى الجن , فقيل له : ما أحب الطعام إليكم ؟ قال : الأرز . قال الأعمش : فجعلوا يأتون بالجفان فيها الأرز فتذهب ولا نرى الأيدي ..
وقال إبن أبي الدنيا : حدّثني عبد الرحمن , حدّثني عمر , حدّثني أبو يوسف السروجى , قال : جاءت إمرأة إلى رجل بالمدينة فقالت : إنا نزلنا قريبا منكم فتزوجني فتزوجها , فكانت تأتيه بالليل في هيئة إمرأة , ثم جاءت إليه فقالت : قد حان رحلينا فطلقني , فبينما هو في بعض طرق المدينة إذ رآها تلتقط حبّا مما يسقط من أصحاب الحبّ , قال : أتبيعينه ؟ فرفعت عينها إليه فقالت : بأي عين رأيتني ؟ قال : بهذه . فأومأت بأصبعها فسالت عينه ..
وقال العلامة الشبلي : حدّثنا قاضي القضاة جلال الدين أحمد إبن قاضي القضاة حسام الدين الرازي الحنفي قال : سفر بي والدي لإحضار أهله من المشرق , فلما جزت ألبيرة " إسم مدينة " ألجأنا المطر إلى أن نمنا في مغارة فكنت في جماعة فبينما أنا نائم إذ أنا بشيء يوقظني فانتبهت فإذا أنا بإمرأة وسط من النساء لها عين واحدة مشقوقة بالطول فارتعت , فقالت : ما عليك إنما أتيتك لتتزوج إبنة لي كالقمر , فقلت لخوفي منها : على خيرة الله تعالى , ثم نظرت فإذا برجال قد أقبلوا فنظرتهم فإذا هم كهيئة المرأة التي أتتني , عيونهم كلها مشقوقة بالطول في هيئة قاض وشهود , فخطب القاضي وعقد , فقبلت , ثم نهضوا وعادت المرأة ومعها جارية حسناء إلا أن عينها مثل عين أمها , وتركتها عندي وانصرفت , فزاد خوفي واستيحاشي وبقيت أرمي من كان عندي بالحجارة حتى يستيقضوا فما انتبه منهم أحد , فأقبلت على الدعاء والتضرع , ثم آن الرحيل فرحلنا وتلك الشابة لا تفارقني , فذهب على هذا ثلاثة أيام , فلما كان في اليوم الرابع أتت المرأة التي جاءتني أولا , وقالت : كأنّ هذه الشابة ما أعجبتك وكأنك تحبّ فراقها ؟! فقلت : أي والله , قالت : فطلقها , فطلقتها , فانصرفت ولم أرها بعد .. فسأله القاضي شهاب بن فضل الله : هل أفض إليها ؟ قال : لا