هيا نحكي حكاية.. قلت لبناتي.. فكان الرد.. نعم.. حكاية طفل فلسطيني.. بدأت أول جملة عن "حسن" الطفل الذي خرج يومًا للمدرسة صباحًا، ولأن عادتي مع بناتي أن يكمل كل واحد جملة من القصة فنضع تفاصيلها سويًّا فقد جاء الدور على "إيمان".. قالت ببراءة: وذهب "حسن" ولم يجد المدرسة.. وجدها مهدمة، وأكملت "نوران": هدمها العدو الإسرائيلي حتى لا يتعلم أطفال فلسطين، وجاء دوري فقلت: جلس "حسن" يفكر ماذا يفعل، ردَّت "إيمان" في حيرة: نعم جلس حزينًا.. ماذا يفعل؟!، ردت ”نوران" قرر أن يحارب من هدَّموا مدرسته، ولكن بطريقة جديدة، لم يمسك حجرًا بل دبَّر أن يأخذ في الخفاء سلاحًا من مخازن الجيش الإسرائيلي، كل يوم يأخذ قطعة ويعطيها لفلسطيني حتى صار السلاح في يد كل فلسطين، وصباحًا ذات يوم خرج العدو كعادته بسلاحه ومدافعه، لكنه لم يجد في يد الفلسطينيين حجرًا بل سلاحًا.. وحاربوهم، وهزموهم.. وعادت لنا فلسطين.. وأخذ الأولاد حجارة الانتفاضة بعد النصر وبنوا بها المدرسة من جديد..
أكملت "نوران" القصة وحدها.. كما تتمنى.. ولأول مرة وافقت "إيمان".. لم يتشاجرا لأن "نوران" استطردت في الحديث… بل قالت "إيمان": نعم.. وعادت فلسطين…
هكذا صاغ عقل ابنتي "نوران" صورة المستقبل.. ووافقت "إيمان"..
أما الطفل المصري "أحمد شعراوي" الذي يبلغ من العمر 12 سنة، ويدرس في إحدى المدارس الحكومية المصرية بحي مصر الجديدة بالقاهرة، فلم يكتف بالحلم والقصص، بل خرج من مدرسته ودون استئذان أحد، وركب إلى العريش ومنها إلى "رفح"؛ ليذهب ليشترك مع أطفال الحجارة في جهادهم، لكن براءته غلبته؛ فتوجه لنقطة العبور، ظنًّا منه أن المرور سهل يسير، فاحتجزه الضابط وجاء والده لاستلامه من القاهرة، وعاد أحمد ودموعه على خده وفي يده حجر، هو كل سلاحه الذي كان ينتوي أن يجاهد به..
جيل كهذا سيفعل ما عجز حكامنا عن فعله وتخاذلنا نحن عن القيام به .. "وَيَسْأَلُونَكَ مَتَى هُو قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا..".