الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :
اللعن: الطرد والإبعاد من رحمة الله - تعالى -، وقد طرد الله - تعالى -الشيطان من رحمته، وأيأسه منها؛ فقال عَزَّ مِن قائل للشيطان لما عصى ربَّه [قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ]
وهذا حكم من الله - تعالى - على الشيطان الرجيم أنَّه ملعون إلى يوم الدين.
ومن لعن الشيطان فلن يستفيد من لعنه إيَّاه شيئاً، لأنَّه تحصيل حاصل، فالشيطان ملعون
على كل حال، سواء دعونا عليه باللعن أم لم ندع عليه.
ولقد أدبنا الله - تعالى - بأحسن الأدب، وأرشدنا إلى ترك اللعن والسب، وإن كان الملعون ممن وقع عليه من الله الغضب؛ فقال - تعالى - مادحاً الذين ينزهون ألسنتهم عن كل قولٍ غير كريم [وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ]، وقال - تعالى- [وَالَّذِينَ هُمْ عَن اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ].
وأكرمنا الله - تعالى - بأمرنا بالقول الكريم الصالح؛ فقال [وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] فإذا تعوذ العبد بالله - تعالى- من الشيطان الرجيم أعاذه الله منه، وسَلَّمه من شرِّه، وهذا الأدب الكريم خير من اللعن الذي يتعاطاه بعض النَّاس، ولو كان فيه ما يصلح لنا لأرشدنا إليه رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، بل الذي وقع منه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نهانا عن سب الشيطان، وأرشدنا إلى خلافه.
فعن أبي تميمة الهجيمي، عمن كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛
قال: كنت رديفه على حمار، فعثر الحمار، فقلت: تعس الشيطان!!
فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقل: تعس الشيطان، فإنك إذا قلت: تعس الشيطان؛ تعاظم الشيطان في نفسه، وقال: صرعته بقوتي. فإذا قلت: بسم الله، تصاغرت إليه نفسه حتى يكون أصغر من ذباب))
رواه الإمام أحمد وأبو داود.
اللهم وفقنا لكل قول حسن، وجنبنا السيء من القول، إنَّك على كلِّ شيء قدير.