هل يمكن أن يهرب المرء من قدره؟
نحن لا نملك تحديد موعد قدومنا إلي هذه الحياة، ولا يسألنا أحد أي زمن نفضل أن نعيش فيه حياتنا.
وكثير من الناس يقولون أنهم جاءوا إلي الدنيا في الزمان الخطأ، وأنهم كانوا يتمنون لو أنهم عاشوا في زمان آخر.
البعض يعيش بأفكاره في الماضي والبعض يحلم بالحياة في المستقبل والأكثرية لا توافق علي الحاضر وترفضه.
وهناك من الناس من تختلط في حياتهم الحدود. فلا يعرفون إلي أي عصر ينتمون. وتضيع منهم الخطوات والسنوات ما بين الماضي والحاضر والمستقبل. فإذا هم لاعاشوا الماضي ولا استمتعوا بالحاضر.ولا لحقوا بالمستقبل!
ثم إن هناك لغة غامضة في مكان ما من أرواحنا هذه التعسة. نداء مرضي يسري منظم الوقت في نفوسنا، ويدعونا إلي عدم الرضاء عن أنفسنا وعما حولنا. لا شيء يرضينا الرضاء الكامل لا الماء الصافي يروي. ظمأنا. ولا الذهب يطفيء شبقنا، لا الحب يكفينا ولا الحرية ترضينا.
الدنيا من حولنا جميلة كما صنعها خالقها وخالقنا.الطبيعة وصنع جمال متجدد في كل ساعة وكل يوم. لكننا لا نري في النهار المضيء غير الزحام والتدافع. ولا في المساء الجميل غير الظلام الدامس. فأين دفء الشمس وسحر القمر؟
نقع وتتعثر خطواتنا فتلوم الزمن. ونفشل بصنع أيدينا ونلقي بالمسئولية علي القدر. نسيء إلي أنفسنا ونتهم الآخرين. نغرق في ذواتنا وأنانيتنا. وتنقطع كل الجسور بيننا وبين الآخرين. فلا نشعر إلا بما نريد ولا نهتم إلا بما نحتاج.
نظن أن الدنيا بما فيها ليست إلا نحن وطموحاتنا وأحلامنا. ما نريده وما نتمناه. وأن غيرنا من البشر والكائنات ليست سوي صور واهية مسطحة غير حقيقية. فلا بشر إلا نحن ولا إحساس إلا إحساسنا ولا حاجة سوي حاجاتنا. نحن والطوفان من بعدنا!
ولا نتعلم إلا بعد فوات الآوان.
ولا نعرف الندم إلا بعد ألا ينفع ندم.
ولا تعرف الدموع طريقها إلي عيوننا. إلا بعد أن تفقد الدموع قيمتها ومعناها الحقيقي.
ولا نتمني الهروب من أقدارنا. إلا بعد أن نكون صنعنا بأيدينا هذه الأقدار.