«طب
نقل الدم» هو مسمى وفرع جديد من العلوم الطبية، يختص بكل الجوانب السريرية
لعمليات نقل الدم أو مكوناته. وتعتبر بنوك الدم فروعا للمختبرات السريرية،
حيث يقوم الاختصاصيون والفنيون بعمل الخطوات والاختبارات المطلوبة لفصل
وتحضير مكونات الدم ومن ثم الكشف عليه والتأكد من خلوه من الفيروسات
والبكتيريا والأمراض المصاحبة لعمليات نقل الدم ويكون ذلك تحت إشراف
الطبيب الاستشاري المختص. في بداية الثمانينات 1980 ـ 1984 أصاب الذعر الملايين في أنحاء المعمورة
عندما عرف أن هناك مرضا خطيرا سمي في ما بعد بمرض نقص المناعة المكتسب
(الايدز) وأن هذا المرض الذي ارتبط في بداية انتشاره بالمثليين من الذكور،
ومتعاطي المخدرات، قد زاد انتشاره أيضا عند المرضى الذين سبق أن تلقوا
عمليات نقل دم. ومنذ ذالك الوقت ومراكز الأبحاث العالمية في سباق محموم مع
الزمن لرصد الكواشف المخبرية لضمان سلامة الدم المنقول أو أحد مكوناته.
* معايير متفاوتة
* في حديثه إلى «صحتك» أوضح الدكتور غازي عبد الله دمنهوري عميد كلية
العلوم الطبية التطبيقية سابقا، استشاري أمراض الدم في جامعة الملك عبد
العزيز، رئيس الجمعية السعودية الخيرية لمرضى أنيميا البحر المتوسط
والأنيميا المنجلية، أن منظمة الصحة العالمية أعلنت في شهر يونيو (حزيران)
2005 أن جودة الفحوصات السريرية والمخبرية لضمان سلامة الدم المنقول تختلف
اختلافا كبيرا من دولة إلى أخرى وذلك حسب الإمكانات المتاحة، حيث إن تكلفة
الفحوصات إضافة إلى جودة حفظ الدم وطريقة نقله تختلف من مكان إلى آخر حتى
في الدولة الواحدة وذلك نظرا لصعوبة تطبيق المعايير العالمية الضامنة
لسلامة الدم المنقول والتي لا شك تعتمد في المقام الأول على وجود الكوادر
المؤهلة والتكلفة المادية التي في واقع الأمر لا تكون متوفرة في كثير من
الدول والبلدان النامية.تفتخر بعض الدول بتطبيقها للمعايير عالية الجودة، ولكن على الرغم من ذلك
فإننا نجد أن خبراء طب نقل الدم لديها متفقون على أنه على الرغم من تطبيق
هذه الفحوصات والمعايير عالية الجودة إضافة إلى الفحص السريري الدقيق
للمتبرعين بالدم للتأكد من خلوهم من الأمراض والفيروسات الوبائية، فإنه لا
يوجد هناك من يستطيع ضمان سلامة الدم المنقول، فدائما سوف يكون هناك فيروس
أو مرض من الممكن انتقاله لعدم المعرفة المسبقة وبالتالي عدم وجود
المحاليل الكاشفة.
* أخطاء بشرية
* ما زالت الأخطاء البشرية للعاملين في بنوك الدم والهيئة التمريضية
حاصلة، وهي تشمل: أخذ عينات خاطئة، الفحص الخاطئ، نقل دم بالخطأ لآخرين هي
أكثر الأخطاء المصاحبة لعمليات نقل الدم شيوعا. هذه الأخطاء أودت بحياة
بضع مئات من الأشخاص في الولايات المتحدة الأميركية في الأعوام من 1995 ـ
2001.
* آثار جانبية خطيرة
* أكد د. غازي دمنهوري أن الآثار الجانبية لعمليات نقل الدم كثيرة وحدوثها
ليس بالنادر، خاصة الأثر السلبي على جهاز المناعة، فقد وجد أن نقل الدم في
بعض العمليات الجراحية قد زاد من احتمال الإصابة بالتهابات بكتيرية
وفيروسية إضافة إلى أن الدم المنقول قد يتم رفضه وذلك قد يؤدي إلى عواقب
خطيرة قد تصل إلى الوفاة. لذلك فإننا دائما ننصح الأطباء والطبيبات، خاصة
حديثي التخرج، بأن يعرفوا أن قرار نقل الدم لأي مريض ليس سهلا، مثله تماما
مثل قرار عمليات نقل الأعضاء، ولذلك فإنه لزاما عليهم أن يفكروا جيدا وأن
يشركوا المرضى معهم في اتخاذ مثل هذا القرار. هناك المئات من المرضى الذين
يموتون سنويا في أميركا وبريطانيا جراء ما يعرف بالإصابة الرئوية الحادة
الناتجة عن نقل الدمTRALI SYNDROME (Transfusion Related Acute Lung
Injury). وأول حالة وفاة بهذا المرض كانت في عام 1990. ويعتقد الخبراء
والاختصاصيون في طب نقل الدم أن الأعداد الحقيقية للمرضى الذين يتوفون
بسبب هذا المرض أكثر بكثير من الأعداد المعلنة، حيث إن هناك عددا كبيرا من
الأطباء غير ملمين لا بعلامات المرض ولا بالفحوصات التي يجب عملها ولا حتى
بطريقة علاجه. لذلك فهناك رؤية عامة متفق عليها من قبل الخبراء في طب نقل
الدم، خاصة أن عمليات نقل الدم أو مكوناته غير الضرورية أصبحت هاجسا
حقيقيا، فهناك كثير من المرضى الذين يتم نقل الدم إليهم وهم في الواقع
ليسوا في حاجة إليه. مثال على ذلك العمليات الجراحية الكبرى كعمليات القلب
المفتوح والتي كنا نعتقد فيها أن نقل الدم لهؤلاء المرضى يعتبر ضروريا،
نجد الآن أننا يجب أن نكون حريصين في تحديد وتقنين عدد الوحدات المطلوبة.
فهناك كثير من الأبحاث التي تؤكد أن نقل الدم لهؤلاء المرضى قد لا يكون
ضروريا، بل على عكس ذلك، قد يكون سببا في زيادة احتمال حدوث آثار جانبية
خطيرة مثل التهاب الرئة أو السكتة القلبية أو الدماغية.