أخذنا نمشي سويا حتى وصلنا فوق إحدى الجسور ، منذ ساعات خرجنا من عند صديقنا بحي القلعة ، و ها نحن وقد شارفنا على الوصول لمدينة الطلبة في إمبابة ، أخذنا النقاش حتى نسينا أنفسنا ، توقف تحت ضوء أحد أعمدة الإنارة ، فتح الجريدة التي يمسكها بيده ، ناولني إياها )
ـ خذ ، اقرأ هذا المقال .
ـ الآن ؟ هنا ؟ لقد تأخر الوقت ، هيا و أعدك عندما نصل إلى غرفتنا سأقرؤها.
ـ لا الآن ، هنا .
ـ لابد إذن من الجلوس حتى نقرأ جيدا يا محمد .
ـ فلنجلس قليلا فلقد تعبت من السير ، أم سنجر أرجلنا جرا .
( عندها اعتلينا حاجز الجسر لنجلس فوقه ، تتدلى أرجلنا ناحية الماء ، طالعت الجريدة فإذا بعنوان يقول ـ خيوط العنكبوت الفولاذ الحيوي ـ و تحت العنوان أخذت أقرأ سريعا ـ أثبت العلماء أن خيوط العنكبوت تعتبر أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حيث أنها خيوط حريرية لها صفات خاصة حتى أنهم أطلقوا عليها الفولاذ الحيوي ...... ، قاطعني )
ـ هيه ؟ أرأيت ؟
ـ و ما معنى هذا ؟
ـ ألا يتعارض هذا مع القرآن ؟
ـ و لماذا ؟
ـ القرآن يقول في سورة العنكبوت (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) القرآن هنا وصف بيت العنكبوت أنه واهن وضعيف بينما ها هو العلم الحديث يجد صفات وخواص جديدة لهذه الخيوط العنكبوتية ، حتى أنهم يعتبرونه أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حتى الآن، لقد أطلقوا عليه الفولاذ الحيوي .
( عندها أوهمته بأنني أطالع الجريدة ، فجأة ارتسمت على وجهي علامات الدهشة )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، معقول ؟
( سألني و قد خلع عليه الفضول عباءته )
ـ ماذا هناك ؟
ـ تخيل امرأة طعنت زوجها بالماء ...
( عندها انفجر ضاحكا )
ـ ها ها ها هاي ، طعنته بالماء ؟
ـ لماذا تضحك ؟
ـ طعنته بالماء ؟ ها ها ها هاي ...
( عندها أوهمته بأنني قد اختل توازني فأمسكت بملابسه بقوة و جذبته جذبة عنيفة لنقع في الماء ،
هوينا إلى الماء بسرعة عجيبة ،
صوت ارتطام جسده بالماء صحبته صرخة عالية )
ـ آآآآآآآآآآآه ....
( ما هي إلا لحظات حتى خرجت من الماء أضحك ، بينما حاول هو الإمساك بي و أخذ يتوعدني و يسبني معنفا )
ـ آآآآآه ، و الله العظيم إنك ( ......) ، لقد ضربتني المياه في بطني ، و الله كادت أن تنشق ، هل ترى ؟
( كشف عن بطنه فإذا بكدمة قوية حمراء اللون من أثر ضربة الماء له )
ـ آآآآآآه ، ماذا أفعل الآن ؟ إن بطني تؤلمني بشدة .
ـ و ماذا أفعل ؟ لقد كدت أن أقع بالماء ، ثم أنه من غير المعقول أن يكون الماء هو السبب في هذه الكدمة ، من المؤكد أنك وقعت على صخرة مثلا أو قطعة من الخشب ، فليس من المعقول ...... ( قاطعني )
ـ و الله إنه الماء الذي فعل بي هذا ألم تسمع عن ( كُرباج الماء )
ـ منذ قليل كنت تضحك لأنني أقول لك أن امرأة قتلت زوجها بالماء ، لقد طعنته بقطعة ثلج مدببة ، أليس الثلج و الجليد هذا ماء ؟
ـ لا إنها قطعة من الجليد الصلب أيها المتحذلق فيجب ألا نطلق عليه ماء .
ـ و هل سقطت الآن على قطعة جليد صلب أيضا ؟
لقد قال الله عز و جل (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
قال بيت العنكبوت و لم يقل إن أوهن الخيوط لخيط العنكبوت ، فلو أنك أتيت بأشد المواد صلابة و عملت بها خيوطا دقيقة و صنعت به بيتا بنفس طريقة العنكبوت هل عندها نقول أن بيت العنكبوت الذي صنعته صلد بنفس قوة و صلابة المادة نفسها ؟
ـ بالطبع لا .
ـ القياس نسبي هنا .
ـ نسبي ؟
ـ نعم نسبة و تناسب بين شيء معين في صورة معينة و شيء آخر في صورة محددة ، بين الإنسان حتى لو كان طفلا صغيرا ضعيفا و بين بيت العنكبوت في هذه الصورة بخيوطه الدقيقة للغاية ، فهذا الطفل الصغير يمكنه أن يزيح بيت العنكبوت هذا بأطراف أطراف أصابعه .
ـ و هل جذبتني في الماء لتثبت هذا ؟
( عندها وجدت الشرر يتطاير من عينه ، انطلقت من أمامه هربا بسرعة البرق ، لم أقدر رغم الركض على السيطرة على نفسي من شدة الضحك ، بينما انطلق هو خلفي يصرخ و يقذفني بأي شيء تقع عليه عينه )