"إيفا بيرون" أشهر من نار على علم… فهذه المرأة التي كانت زوجة لرئيس الأرجنتين الأسبق "خوان بيرون"
تُعتَبر بمثابة الأسطورة، حتّى أنّ قِصة حياتها تحوّلت إلى فيلم سينمائي
شهير قامت ببطولته المغنية الأميركية "مادونا" جرياً على عادة هوليود في
جعل النماذج الفاسدة قدوة صالحة تُقدّم للناس على أنها مثال يجب الاحتذاء
به.
فإيفا بيرون
هي معشوقة الفقراء والمساكين في الأرجنتين؛ فلقد اشتُهرت بأنّها نصيرة
الحفاة والعراة، لذلك لم يكن غريباً أنْ يُحِبها الفقراء، وأن يطلقوا
عليها اسم"سانتا إيفيتا" أو (القديسة إيفا الصغيرة).
بدأت قصة "إيفا دوارتي" في
عام 1919 عندما ولدت ابنة غير شرعية لامرأة فقيرة في إحدى قرى الأرجنتين،
وفي سن الـ24 التقت الكولونيل "خوان بيرون" في دارٍ للدعارة، وهذا ما لا تسلّط هوليود الضوء عليه لأنّ هدفها تزييف صورة الفاسدين والمنحلين، وعَمِلت بعد ذلك ممثلة في الإذاعة الأرجنتينية ثُمِ أصبحت المتحدث الرسمي باسم "خوان بيرون"، وقامت بجهد هائل من
أجل دعم شعبيّته وزيادة نفوذه فعندما أطاح به تمرُّد عسكري عام 1945 تحركت
إيفيتا بنشاط بين الضباط وعمّال المصانع وجماهير الشعب الأرجنتيني،
فتمكّنت من إعادته إلى موقعه قائداً للجيش ورئيساً للحكومة بل أكثر من ذلك: فقد ساعدته للوصول إلى سُدّة الرِّئاسة –بعد زواجهما- حتى اتفق المقرّبون والأعداء على أنّ حكم بيرون لا يمكن لأحد الإطاحة به أو حتى إضعافه… والسرّ هو (السيدة الأولى) التي تربّعت على قلوب الملايين.
وعندما اقتحمت "إيفا بيرون" مجال الأعمال الخيرية تعرّضت لسخرية واستهزاء من نساء الطبقة الراقية، ورغم ذلك استطاعت خلال فترة وجيزة تأسيس "صندوق إيفا للأعمال الخيرية" ولم تتوانَ عن استغلال منصبها
ومركزها لتوزيع المساعدات وتقديم الخدمات للمحتاجين، حتّى أنّها كانت تقوم
بزيارات مفاجئة للقرى تدخل بيوت الفلاحين والفقراء لتقدّم لهم المواد
الغذائية ولأطفالهم الحلوى، كما كانت تقوم بجمع وشراء الملابس الأوروبية
وإعطائها لهم حتّى وصل إهتمامها بهم إلى حدِّ إغراق أطفالهم باللُعب التي
كانت تحصل عليها من جميع أنحاء العالم.
وعندما أصيبت إيفا بمرض السرطان .. بدأ نظام خوان بيرون تتداعى أركانه بعنف، ورغم ذلك لم تستسلم بل ظلت مصرّة على حضور اللقاءات السياسية والجماهيرية، وفي صباح 26 تموز 1952 ماتت "إيفا بيرون" عن عمر 33 سنة، وبمجرد أن لفظت آخر أنفاسها قام أحد الخبراء بتحنيط جثمانها، وعلى الفور اجتاحت الأرجنتين حالة من الرعب لموتها ومشى في جنازتها مليونين من البشر وتوفي (7) أشخاص سَحْقاً بالأقدام من شدة الزحام.
ولأنّ عمر الكذب والخداع قصير كان لا بدَّ أن تنجلي الحقيقة كاملة، فعندما سقط حكم "خوان بيرون"
عام1955 قام الرئيس الجديد للأرجنتين الجنرال "لوناردي" بفتح قصور وبيوت
الرئيس السابق فكانت المفاجأة الكبرى عندما شاهد الناس لأوّل مرة كيف (كان
يعيش "خوان بيرون"
وزوجته، ففي أحد القصور كان هناك (15) سيارة سبور و(250) موتور سَيْكِل
وفي قصر آخر) تمّ العثور على ثروة هائلة قُدِّرت بحوالي (10) ملايين دولار
نقداً بالإضافة إلى مجوهرات ثمينة ومقتنيات غالية كلها جُمِعَت من أموال الشعب؛ حيث تمّ تهريبها إلى الخارج بعد أنْ حُوِّلت إلى حسابات سِرية في البنوك الأجنبية.
ورغم أن السُلطات العسكرية
الجديدة في "بوينس أيرنس" أثبتت أنّ إيفيتا اختلست أموال المشروعات
والمؤسسات الخيرية التي كانت تُشرف عليها، ورغم أن السلطات قامت بعَرّض
مجوهراتها وملابسها الباهظة الثمن على الفقراء والتي جمعتها من الأموال المخصَّصة لهم ورغم ذلك كله فقد ظلَّ الفقراء يحبونها، فكان الردّ من الجميع "نحن جميعاً ملك لإفيتا فلتأخذ ما تشاء ولتفعل ما تشاء ولكننا سنظل نحبها إلى الأبد"!!!