العربية أصبحت قناة النظام المصري بامتياز
على قناة العربية مشهد سياحي للنيل السادر الأبدي يمشي الهوينى، وشوارع مضاءة بخفوت تصلح لتصوير مشاهد لأفلام أنور وجدي.
ربما
كان ينقص القناة العتيدة أن تضع أغنية لأم كلثوم لتخبرنا ان كل شيء بخير
في مصر. هذه واحدة من تخبطات التغطية أرادتها القناة في مثل هذه الظروف
الصعبة.
فانتفاضة شعبية بهذا الحجم وأين من مصر؟ شيء أربك حسابات
القناة كالعادة في الأزمات. الأوامر كانت واضحة للمحررين. التركيز على
الحياة الطبيعية مع اختيار عنوان عام للحدث أقل ما يقال عنه مشبوه 'الأزمة
في مصر'.
التوجيه الثاني كان باستخدام القناة الرسمية المصرية وتبني
خطابها نسخا، بث صورها ومفرداتها مع قولبة الخطاب الخشبي للتلفزيون المصري
ببهارات قناة العربية، لتمرير خطة النظام المصري في ادارة الانتفاضة.
فأصبح التخويف من فقدان الآمان، وحشر الأخوان المسلمين لارعاب المتعاطفين
مع ما يحدث من الشارع الفزاعة التي استخدمها النظام وفهمها الأخوان عبر
سنوات فكلا الطرفين بات يستمد شعبيته ووجوده من الاخر.
أفلحت العربية
بالتسهيلات الممنوحة لها أن تكون حاضرة بالمشهد كواحدة من قنوات التلفزة
المصرية الرسمية، ولتعلن بصراحة وبدون مواربة انها قناة أنظمة من نوع واحد
كانت تسمى الاعتدال وأضحت تدعى الاعتلال.
وبذلت جهدا يفوق الوصف
لايصال ما هو محدد لها من صانعي قراريها، الاتصال بالمثقفين والفنانين
والصحافيين المحسوبين على النظام، التأكيد على أن الاماكن الحيوية
والاستراتيجية بيد النظام وأنها بألف خير تسير كما يرام. كالمطار وقناة
السويس والمرافئ الحيوية. وتوصيل صورة للاسرائيليين والأمريكان أن
المظاهرات شيء والمفاصل الأساسية المكلف النظام بحمايتها شيء أخر . فكان
الحديث أن خمسين سفينة تعبر القناة بشكل طبيعي، وإن حركات المطار تستقبل
الطائرات بكل يسر دون أن تتجرأ على القول إنها طائرات تأتي فارغة وتذهب
مكتظة. لا بل زاودت ونشرت تقريرا على موقعها الالكتروني عن سياح أصرّوا
على الدخول إلى مصر وعدم التضحية باجازاتهم.
برعت القناة بمغمغة صورة
المتظاهرين ومحاولة الايحاء أنهم رعاع وخوارج عن القوانين. وغطت لعبة
النظام البشعة بسحب الشرطة من الشوارع وهرب سجناء بعينهم من سجون تم
التوافق عليها للترويع والتهويل وبث الرعب بقلوب الناس. طبعا ولم يسأل أحد
كيف يختفي الأمن المكلف بحماية المرافق الحيوية التي تخص الناس.
مستشفيات، متاحف، مؤسسات استهلاكية، بينما تتدرع السفارة الإسرائيلية
والأمريكية ومصالحهما بطوق أمني لا يمكن اختراقه. بعد ذلك سيطلع علينا أحد
صانعي القرار فيها ليعطينا درسا بالموضوعية. 'العربية': شكرا لكم وصل
الدرس.